الحب في ''زمن الفايسبوك''
لعلّنا لم نعتد كثيرا التعبير عن مشاعرنا الجميلة إتجاه الآخرين، ولسنا شعبا ''حلو الكلام معسوله'' مقارنة بشعوب أخرى، لكن وسائل التواصل سهّلت على شريحة كبيرة منا التعبير عن ما يختلج صدورهم من مشاعر جميلة لم نألف نطقها، لأن البوح عبر الكتابة أسهل دائما من القول.
اليوم، يوافق الـ14 فيفري من كل عام، وهو عيد للمحبة في العالم بأسره، وفي تونس دخلت عادة تبادل الهدايا والورود في هذا اليوم تقاليد المجتمع التونسي، ولإنْ حصر البعض هذا التاريخ في العشاق والأزواج، فإن آخرين جعلوا منه يوما للمحبة الإنسانية وجعلوه تاريخا يهدون فيه أحباءهم على إختلاف صفاتهم، هدية ما، وردة أو عطرا أو قطعة شوكولاتة.. أو حتى الكلمة السحرية التي قد تجعل يومك مميزا وجميلا.. ''أحبّك''. ولأننا في عصر ''الفايسبوك'' والعالم الإفتراضي، صار من السهل تبادل رسائل الحب والمودّة، وطغت قصص الهدايا التي تلقاها روّاد هذا الفضاء على أغلب الصفحات وغزت الورود واللون الأحمر الموقع.. وبين مساند ومنخرط في التعبير عن حبه ومحبته، ومنتقد لظاهرة الهدايا أو متندّر، وبين معتبر أنه ''عيد دخيل علينا''.. إختلفت منشورات التونسيين وآراءهم.. وهذا بعض من ما رصدناه:
والحبّ، هو ذاك الشعور الغريب الذي يتحكم في قلوبنا كما في عقولنا، وفي مزاجنا كما في تصرفاتنا، وقال عنه أحدهم ''إذا تصرفت ضد مصلحتك الشخصية.. فإعلم أنك عاشق''.
والحب أيضا هو ما يعلّقنا بالحياة، ويعطيها معنى وطعما، لأنّ هدايا الحياة قد تكون أحيانا في شكل شخص يجمعك به رباط الودّ، أم حنون أو أب عطوف أو أخ كريم أو صديق صدوق أو حبيب لا يخون.. هو ذاك الإنسان الذي تطمئن دائما كلما تذكرت طيفه وتعلم أنه لن يخذلك مهما إختلفتما أو أبعدتكما الظروف.
والحب قد يكون عملا تعمله بكدّ وجدّ وتجد سعادتك في إنجازه ورؤيته مكتملا، والحب وطنٌ يحتضنك وتتشبث به مهما قسى عليك، والحبّ فكرة أو مبدأ أو حلم تحققه ذات يوم..
ولكل هذه المعاني الجميلة، ''أحبوا تصحّوا'' ولا تخجلوا من الإفصاح عن حبّكم بالطرق التي تختارونها، ولتكن هذه المناسبة، دخيلة كانت أو قديمة قدم البشرية، فرصة للجمال ضد القبح، والعطف ضد القسوة، والأخوّة ضد الحرب.. ليكن الحب ديدننا ضد زارعي الموت والفتنة، وليكن الحب سلاحنا ضد العنف والإرهاب والترهيب..
''أحبوا بعضكم بعضا ولكن لا تحيلوا الحب إلى قيد: بل أتيحوا له بالأحرى أن يكون بحرا يموج بين شطآن أرواحكم، ليملأ الواحد كأس الآخر، لكن لا تشربوا من كأس واحدة، وليعط الآخر من خبزه، لكن لا تأكلوا من نفس الرغيف، غنوا وارقصوا معا، وافرحوا ، لكن ليبق كل واحد منكم وحيدا مثلما تبقى أوتار الفيتارة وحدها، رغم أنها ترتعش بنفس الموسيقى'' (جبران خليل جبران)